سيرة الرسول - جزيرة العرب
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
سيرة الرسول - جزيرة العرب
المكرمة، هذه المدينة التي تقع في بطن وادٍ غير ذي زرع هي مهبط التوحيد ومهد الإسلام، ومشرق النور، وأرض الطهر، وهي المدينة التي ولد ونشأ فيها سيد الأنبياء وخير المرسلين -صلى الله عليه وسلم-.
مكة هذه هي أهم مدن الجزيرة العربية لما لها من تاريخ وقدسية، والجزيرة العربية هي إحدى أشباه جزر في جنوب آسيا، وهي شبه جزيرة العرب، وشبه جزيرة الهند، والهند الصينية.
وتمتاز في أنها أكبرهن مساحة وتفردا في الموقع، فهي قلب العالم القديم، بينها وبين الهند تسعمائة كيلو متر، وبينها وبين إيران تجاور في مضيق هرمز، وتقابل على شاطئ خليج البصرة وتلاصق في العراقين العربي والعجمي، وحدودها في الشمال متصلة مع سوريا والعراق ومصر.
وما صحارى الشام والعراق وسيناء إلا جزء من الجزيرة العربية، وما سهول الرافدين والجزيرة السورية وسهول حلب وحماة وحمص والغوطة وفلسطين وحتى خليج العقبة إلا صلة مستمرة لسهول الجزيرة الساحلية الضيقة، وامتداد خصب عريض لها.
وقد تألقت على جوانب الجزيرة العربية مراكز الحضارة القديمة، والتقت على أطرافها موجات وتيارات وديانات.
سُميت بلاد العرب جزيرة لإحاطة الأنهار والبحار بها من جميع أقطارها، وتنقسم إلى خمسة أقسام، وهي: تُهامة، والحجاز، ونجد، والعروض، واليمن.
وتُهامة سهل ساحلي يحاذي البحر الأحمر ويمتد مع جبال السراة، والحجاز سلسلة جبال السراة الممتدة بين اليمن والشام، وهو يحجز بين اليمن والشام وبين تهامة ونجد، وفيه تقع مكة المدينة التي وُلد فيها محمد -صلى الله عليه وسلم-.
وهي منطقة انتقالية بين تأثيرات مناخ البحر الأبيض المتوسط والمناخ الموسمي، ويؤثر عليها أيضًا قربها من ساحل البحر الأحمر، وتتأثر في الصيف بالجبهات المدارية وتختلف فيها درجات الحرارة فمن ثمانٍ وأربعين درجة في الصيف إلى ثماني عشرة في الشتاء.
وأمطارها صحراوية غير منتظمة، ومعدلها السنوي بين ثمانين مليمترًا ومائة وخمسة وعشرين مليمترًا، تسقط في الشتاء.
أما الرياح فغالبًا ما تتأثر بالرياح الشمالية الغربية والشرقية، وهي جافة صيفًا، رطبة شتاءً.
تهيمن الجبال السوداء الداكنة على مكة، فهي ذات تركيب جرانيتي، وقد شهدت أحداثًا هامة.
ففي غار حراء نزل الوحي أول ما نزل، واحتضن جبل ثور سيد الأنبياء وصاحبه، وبين الأخشبين أبو قبيص وهندي بنى إبراهيم و إسماعيل -عليهما السلام- الكعبة المشرفة.
… تقع المشاعر المقدسة وادي منى والمزدلفة وسهل عرفات.
يقول الرحالة "ديفر جي" واصفاً صحراء العرب:
" تعرف القافلة وهي تتوغل في الصحراء علاماتِ ريح السموم الأولى، وهي أن السماء تظهر في الأفق مغراء ثم قهباء فدكناء، والشمس تضعف أشعتها فتصبح حمراء، والرمال الناعمة تملأ الجو والهواء، والرياح تثيرها فتغدو كالبحر المزبد الذي تحركه العواصف الهوج، هنالك تنقبض الصدور وتحمر العيون، وتجف الشفاه والجمال تعدو تارة وتقف أخرى؛ لتطمر نحورها في الرمل، وتمرغ أنوفها بالأرض، وإذا ما استطاعت القافلة أن تحتمي وراء صخرة حتى تهدأ الزوبعة فإنها تنجو، ولكنها إذا تاهت وكانت بعيدة من الملاجئ فإن نشاطها يفتر وتفقد غريزة حب البقاء، ويستولي عليها الثول والدوار وتعود غير قادرة على الفرار، وتدفن في أكثبة الرمل وتبقى مدفونة إلى تهب عاصبة أخرى وتكشف عن عظامه " .
عرفت مكة منذ أحقاب مديدة ضاربة في القدم قبل عهد إبراهيم -عليه السلام- إلا أن سُكنى إسماعيل -عليه السلام- وأمه كانت السبب في نشوء المدينة، بعد تفجر نبع زمزم، وتلا ذلك رفع قواعد أول بيت مبارك، وسكنت قبائل جرهم وخزاعة حتى استقر الأمر لقصي بن كلاب منتصف القرن الخامس الميلادي، وآلت الأمور إلى قريش وبطونها وحلت في هذه الفترة البيوت المبنية من الطين والحجر، محل مضارب الشعر.
وخط قصي ساحة توازي المطاف، وأباح للناس البناء حول المدار من الجهات الأربع، وجعل للبيوت مسالك تفضي للكعبة، وأمرهم ألا يتطاولوا في البناء ويرفعوا بيوتهم عنها.
وتبين الدراسات الأثرية أن الجزيرة العربية كانت مأهولة بالناس منذ العصور الحجرية.
وفي كتب "جوسفيوس فلافيوس" الذي عاش ما بين 137 ميلادية معلومات ثمينة عن العرب وأخبار مفصلة عن الأنباط وأسماء القبائل.
لقد وصف "تيدروس" الصقلي العرب بأنهم يعشقون الحرية، فيلتحفون السماء، ويعتقدون بالإرادة الحرة، والحرية المطلقة.
كانت جزيرة العرب مهد ديانات ومبعث أنبياء، فيها قوم عاد، ونبيهم هود وهم من العرب البائدة الذين كانوا يقطنون في جنوب الجزيرة العربية بالقرب من حضرموت، وكانت ديارهم جناتٍ وأنهارًا، قال تعالى: ?وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ? [الأحقاف: 21].
وفيها صالح وقوم ثمود فيما بين الحجاز وتبوك، ومدين وشعيب قرب معان، وكانت الأرض العربية مأوى لكثير من الرسالات الذين ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وكانت الهجرات تترا إليها فسكنها اليهود فرارا من الرومان في يثرب واليمن، وأمن فيها النصارى هروباً من القياصرة في نجران.
إنها جزيرة العرب فيها وادي سرحان الذي يبلغ طوله ثلاثمائة كيلو متر ووادي الحمض ووادي الرمة ووادي الدواسر، ووادي عرعر، وفيها الكثير من العيون في الواحات.
إنها الأرض التي انطلقت منها الرحمة إلى جميع أسقاع الأرض مع نبي الرحمة، ? وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ? [الأنبياء: 107].
لم يأت القرن السادس الميلادي إلا والديانات وصحفها قد أصابها التحريف والفساد، وأصبحت عرضة للعابثين والمتلاعبين، وانتشرت الوثنية في أرجاء الأرض من المحيط إلى المحيط.
وحكى القرآن العظيم واستعرض تحريف يهود وميلهم للوثنية فقال تعالى: ? وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ ? [البقرة: 92]، وقال أيضاً: ? اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ ? [التوبة: 31].
وفي القرن السابع الميلادي أوقع اليهود بين النصارى في أنطاكيا والقائد الفارسي "فوكس"، مما أدى إلى وقوع مذابح فظيعة في نصارى أنطاكيا والشام، فعاقبهم "هرقل" عقوبة قاسية، ووصفهم القرآن العظيم بقوله: ? ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ? [آل عمران: 57].
وقامت حرب ضروس بين نصارى الشام والدولة الرومانية وبين نصارى مصر لاختلاف حول حقيقة وطبيعة السيد المسيح -عليه السلام-.
وفي بلاد فارس شاع الاعتقاد جهلاً بألوهية "ميثرا" و "آشاه" و "ييما" وعبد الناس النار والكواكب، ثم ظهرت الزرادشتية وتلقتها تعاليم ماني ثم مزدك.
وسادت في الصين ديانة لاتسو وكونفشيوس والبوذية، وعبادة أرواح الآباء والأجداد، وفي الهند كانت البرهمية مؤثرة على أفكار الناس وعقائدهم، وطغت الوثنية في المجتمع فوصل عدد الآلهة إلى حد خرافي، وعبد الناس البقر والأجرام السماوية الفلكية.
وفي الجزيرة العربية دان الناس بدين إبراهيم الخليل -عليه السلام- قال تعالى: ? يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالإنْجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ?65? هَا أَنْتُمْ هَؤُلاَءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ?66?مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ? [آلا عمران: 65- 67].
وبقيت قريش متمسكة بدين أبيها إبراهيم -عليه السلام- حتى كان عمرو بن لحي الخزاعي فكان أول من غير دين إسماعيل، فنصب الأوثان التي جاء بها من بلاد الشام حيث كان سكانها ينحتون الأصنام، ويعبدونها.
وكان زعيم هؤلاء الآلهة "ذو الشرا" ومن الإلهات النبطية التي ورد ذكرها في بعض النقوش الأثرية مناة والعزى وهبل، ولا يغرب عن البال أن ذلك العصر كان عصر انتشار الوثنية حول الجزيرة العربية ومنها حوض البحر الأبيض المتوسط، وكان للتجارة دور كبير في التأثيرات الدينية وعبادة الأصنام
مكة هذه هي أهم مدن الجزيرة العربية لما لها من تاريخ وقدسية، والجزيرة العربية هي إحدى أشباه جزر في جنوب آسيا، وهي شبه جزيرة العرب، وشبه جزيرة الهند، والهند الصينية.
وتمتاز في أنها أكبرهن مساحة وتفردا في الموقع، فهي قلب العالم القديم، بينها وبين الهند تسعمائة كيلو متر، وبينها وبين إيران تجاور في مضيق هرمز، وتقابل على شاطئ خليج البصرة وتلاصق في العراقين العربي والعجمي، وحدودها في الشمال متصلة مع سوريا والعراق ومصر.
وما صحارى الشام والعراق وسيناء إلا جزء من الجزيرة العربية، وما سهول الرافدين والجزيرة السورية وسهول حلب وحماة وحمص والغوطة وفلسطين وحتى خليج العقبة إلا صلة مستمرة لسهول الجزيرة الساحلية الضيقة، وامتداد خصب عريض لها.
وقد تألقت على جوانب الجزيرة العربية مراكز الحضارة القديمة، والتقت على أطرافها موجات وتيارات وديانات.
سُميت بلاد العرب جزيرة لإحاطة الأنهار والبحار بها من جميع أقطارها، وتنقسم إلى خمسة أقسام، وهي: تُهامة، والحجاز، ونجد، والعروض، واليمن.
وتُهامة سهل ساحلي يحاذي البحر الأحمر ويمتد مع جبال السراة، والحجاز سلسلة جبال السراة الممتدة بين اليمن والشام، وهو يحجز بين اليمن والشام وبين تهامة ونجد، وفيه تقع مكة المدينة التي وُلد فيها محمد -صلى الله عليه وسلم-.
وهي منطقة انتقالية بين تأثيرات مناخ البحر الأبيض المتوسط والمناخ الموسمي، ويؤثر عليها أيضًا قربها من ساحل البحر الأحمر، وتتأثر في الصيف بالجبهات المدارية وتختلف فيها درجات الحرارة فمن ثمانٍ وأربعين درجة في الصيف إلى ثماني عشرة في الشتاء.
وأمطارها صحراوية غير منتظمة، ومعدلها السنوي بين ثمانين مليمترًا ومائة وخمسة وعشرين مليمترًا، تسقط في الشتاء.
أما الرياح فغالبًا ما تتأثر بالرياح الشمالية الغربية والشرقية، وهي جافة صيفًا، رطبة شتاءً.
تهيمن الجبال السوداء الداكنة على مكة، فهي ذات تركيب جرانيتي، وقد شهدت أحداثًا هامة.
ففي غار حراء نزل الوحي أول ما نزل، واحتضن جبل ثور سيد الأنبياء وصاحبه، وبين الأخشبين أبو قبيص وهندي بنى إبراهيم و إسماعيل -عليهما السلام- الكعبة المشرفة.
… تقع المشاعر المقدسة وادي منى والمزدلفة وسهل عرفات.
يقول الرحالة "ديفر جي" واصفاً صحراء العرب:
" تعرف القافلة وهي تتوغل في الصحراء علاماتِ ريح السموم الأولى، وهي أن السماء تظهر في الأفق مغراء ثم قهباء فدكناء، والشمس تضعف أشعتها فتصبح حمراء، والرمال الناعمة تملأ الجو والهواء، والرياح تثيرها فتغدو كالبحر المزبد الذي تحركه العواصف الهوج، هنالك تنقبض الصدور وتحمر العيون، وتجف الشفاه والجمال تعدو تارة وتقف أخرى؛ لتطمر نحورها في الرمل، وتمرغ أنوفها بالأرض، وإذا ما استطاعت القافلة أن تحتمي وراء صخرة حتى تهدأ الزوبعة فإنها تنجو، ولكنها إذا تاهت وكانت بعيدة من الملاجئ فإن نشاطها يفتر وتفقد غريزة حب البقاء، ويستولي عليها الثول والدوار وتعود غير قادرة على الفرار، وتدفن في أكثبة الرمل وتبقى مدفونة إلى تهب عاصبة أخرى وتكشف عن عظامه " .
عرفت مكة منذ أحقاب مديدة ضاربة في القدم قبل عهد إبراهيم -عليه السلام- إلا أن سُكنى إسماعيل -عليه السلام- وأمه كانت السبب في نشوء المدينة، بعد تفجر نبع زمزم، وتلا ذلك رفع قواعد أول بيت مبارك، وسكنت قبائل جرهم وخزاعة حتى استقر الأمر لقصي بن كلاب منتصف القرن الخامس الميلادي، وآلت الأمور إلى قريش وبطونها وحلت في هذه الفترة البيوت المبنية من الطين والحجر، محل مضارب الشعر.
وخط قصي ساحة توازي المطاف، وأباح للناس البناء حول المدار من الجهات الأربع، وجعل للبيوت مسالك تفضي للكعبة، وأمرهم ألا يتطاولوا في البناء ويرفعوا بيوتهم عنها.
وتبين الدراسات الأثرية أن الجزيرة العربية كانت مأهولة بالناس منذ العصور الحجرية.
وفي كتب "جوسفيوس فلافيوس" الذي عاش ما بين 137 ميلادية معلومات ثمينة عن العرب وأخبار مفصلة عن الأنباط وأسماء القبائل.
لقد وصف "تيدروس" الصقلي العرب بأنهم يعشقون الحرية، فيلتحفون السماء، ويعتقدون بالإرادة الحرة، والحرية المطلقة.
كانت جزيرة العرب مهد ديانات ومبعث أنبياء، فيها قوم عاد، ونبيهم هود وهم من العرب البائدة الذين كانوا يقطنون في جنوب الجزيرة العربية بالقرب من حضرموت، وكانت ديارهم جناتٍ وأنهارًا، قال تعالى: ?وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ? [الأحقاف: 21].
وفيها صالح وقوم ثمود فيما بين الحجاز وتبوك، ومدين وشعيب قرب معان، وكانت الأرض العربية مأوى لكثير من الرسالات الذين ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وكانت الهجرات تترا إليها فسكنها اليهود فرارا من الرومان في يثرب واليمن، وأمن فيها النصارى هروباً من القياصرة في نجران.
إنها جزيرة العرب فيها وادي سرحان الذي يبلغ طوله ثلاثمائة كيلو متر ووادي الحمض ووادي الرمة ووادي الدواسر، ووادي عرعر، وفيها الكثير من العيون في الواحات.
إنها الأرض التي انطلقت منها الرحمة إلى جميع أسقاع الأرض مع نبي الرحمة، ? وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ? [الأنبياء: 107].
لم يأت القرن السادس الميلادي إلا والديانات وصحفها قد أصابها التحريف والفساد، وأصبحت عرضة للعابثين والمتلاعبين، وانتشرت الوثنية في أرجاء الأرض من المحيط إلى المحيط.
وحكى القرآن العظيم واستعرض تحريف يهود وميلهم للوثنية فقال تعالى: ? وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ ? [البقرة: 92]، وقال أيضاً: ? اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ ? [التوبة: 31].
وفي القرن السابع الميلادي أوقع اليهود بين النصارى في أنطاكيا والقائد الفارسي "فوكس"، مما أدى إلى وقوع مذابح فظيعة في نصارى أنطاكيا والشام، فعاقبهم "هرقل" عقوبة قاسية، ووصفهم القرآن العظيم بقوله: ? ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ? [آل عمران: 57].
وقامت حرب ضروس بين نصارى الشام والدولة الرومانية وبين نصارى مصر لاختلاف حول حقيقة وطبيعة السيد المسيح -عليه السلام-.
وفي بلاد فارس شاع الاعتقاد جهلاً بألوهية "ميثرا" و "آشاه" و "ييما" وعبد الناس النار والكواكب، ثم ظهرت الزرادشتية وتلقتها تعاليم ماني ثم مزدك.
وسادت في الصين ديانة لاتسو وكونفشيوس والبوذية، وعبادة أرواح الآباء والأجداد، وفي الهند كانت البرهمية مؤثرة على أفكار الناس وعقائدهم، وطغت الوثنية في المجتمع فوصل عدد الآلهة إلى حد خرافي، وعبد الناس البقر والأجرام السماوية الفلكية.
وفي الجزيرة العربية دان الناس بدين إبراهيم الخليل -عليه السلام- قال تعالى: ? يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالإنْجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ?65? هَا أَنْتُمْ هَؤُلاَءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ?66?مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ? [آلا عمران: 65- 67].
وبقيت قريش متمسكة بدين أبيها إبراهيم -عليه السلام- حتى كان عمرو بن لحي الخزاعي فكان أول من غير دين إسماعيل، فنصب الأوثان التي جاء بها من بلاد الشام حيث كان سكانها ينحتون الأصنام، ويعبدونها.
وكان زعيم هؤلاء الآلهة "ذو الشرا" ومن الإلهات النبطية التي ورد ذكرها في بعض النقوش الأثرية مناة والعزى وهبل، ولا يغرب عن البال أن ذلك العصر كان عصر انتشار الوثنية حول الجزيرة العربية ومنها حوض البحر الأبيض المتوسط، وكان للتجارة دور كبير في التأثيرات الدينية وعبادة الأصنام
رد: سيرة الرسول - جزيرة العرب
شكرا يا عبود ويا أحمد
amjood- عضو جديد
- عدد الرسائل : 5
العمر : 29
الطاقة :
البلد :
المزاج :
التبادل الإعلاني :
الدعاء :
تاريخ التسجيل : 19/06/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى